درس الحياة الأول

لستُ أدري أين نسيتُ الفرحة
التي دسّتها بتلهف طفلة كنتُها
حين لاحظت في إنعكاس المرآة
خلخلة سنها
ولم تجدها بعد حين
في يد غريبة تمسكها:
 هذه السن الصغيرة
ماعادت ملكي،
هذا الشيء الأبيض
ماعاد ذو قيمة ..
لست أدري إن كنت نسيت الفرحة يومها
 أم نستني
وتجاوزت طفلة
تلقت درس حياتها الأول.

The act of writing

I remember reading Alberto Moravia’s novel “Boredom” in my 8th grade when my friend lent me her copy, telling me that in this book I will find consolation for my loss of interest in life I complained to her about. I was so fascinated by the fact that even boredom can be an inspiring experience to a writer, and how the main character of the novel was simply a bored artist. Later in my teenage years, I grew fond of Sylvia Plath’s poetry, expressing her depression beautifully without having to sugarcoat it.

I believe that I have always had tendency for sad contemplations -though not for sadness-, but I do not know how or when I started to reflect only when I feel melancholic. Melancholy is a beautiful condition and it’s a call for aesthetic considerations, an encounter with one’s own self.

imageBut to face yourself can be a quite tedious task, for that I never read my old diaries. In fact, I only use them to hide things I never want to read or see again. And now I keep buying myself notebooks that I abandon without even using them. Poor unread words and poor empty pages.

I have been thinking that I’m having a writer’s block which explains my very few recent posts here fairly. But now I realize it’s only because whenever I write I expect better thoughts and verses. Expecting too much from yourself as a poet/writer can be destructive to your skills as you start to lose appreciation for the words you utter and thoughts you write down.

Well, Charles Bukowski wouldn’t have become a poet if he expected much from his so-called talent, would he? That was a joke – I mean, I do believe that poetry is a platform for all debatable matters, including both depression and beautiful women’s asses, haha.

يوميات ممزقة

هذا الضحى

الشمس ساطعة بشدة

والسماء الزرقاء

بيضاء

وهناك حيث علقت عيناي

مرّت سحابة.

***

هذا المساء

في الطريق

حيث كدت أن أدهس بقدمي

لعاب مبصوق

لم يفقد بريقه بعد

توجّعت نملة.

***

هذه الليلة

وقفت أمام المرآة

أبحث تارة تحت لساني

وتارة وراء كبدي

عن الفجوة التي يوماً

كان فيها قلبي.

Beheaded Venus (آلهة الحب)

عندما اتكئ ديسمبر

على ظهر البيت المتداعي بآخر شارعنا

خابت المدفئة وقُبل الزوج

في حني مبسم زوجته

وبسط قبضتها

فصرخ الرعد

وسال المطر

بينما إكتظ المقهى القائم بأول الشارع

حيث يسرد أوسم رواده كل مساء

ذات النكتة الرديئة

على مسامع حبيبته

التي كانت تصغي لوقع المطر

ولم تبتسم

صرخ طويلاً

وتخاصما

وسمعتُهما

من نافذة غرفتي المقابلة

حيث أتسمر أمام الكومبيوتر

أتأمل صورة آلهة الحب بصبراتة

مجاورة بريدي الخالي من رسائلكَ

وأتسائل:

بحق الحب يا ڤينوس، أين فرّ رأسك؟

img_20161202_003730
صورة من محرك البحث قوقل لآلهة الحب ڤينوس بصبراتة – ليبيا

عن ورشة عمل أساسيات المناظرة

حاولتُ التّملص في الأيّام الماضية من وعدي بكتابة مقالة عن تجربتي مع ورشة عمل “أساسيات المناظرة” الّتي أقيمت ببلديّة الجّفرة بداية شهر نوفمبر الحالي، محاولتي هذه لم تكن بسبب انشغالي بالدّراسة بقدر ما كانت بسبب خوفي من ألّا أكتب بشكل وافٍ عن أربعة أيام شديدة الكثافة، فبعيداً عن مجالي الدّراسي العلمي وعن قوانين الطبيعة، أنا أؤمن بأنّ بعض الأيّام أشد كثافة وأكثر تركيزاً من الأخرى، وقد كانت أيّام الورشة السّخية بالأخذ والعطاء من ناحية المادّة العلميّة، وباذخة بصداقات جديدة واعدة دليلاً على ذلك.  وهكذا، لذات السّبب الذي جعلني أحاول التّملص، وبسبب شعوري بالامتنان لكلّ من كان جزءاً من هذه التجربة، قرّرت أن أوفِ بوعدي.

%d8%a3%d8%ab%d9%86%d8%a7%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%b1%d8%b4%d8%a9

أُقيمت ورشة العمل بمدينة هون بتنظيم من المجلس الثّقافي البريطاني بالتّعاون مع جمعية شباب التّغيير الحضاري ضمن المشروع الإقليمي لصوت الشّباب العربي الّذي يعمل على تأسيس منابر للأصوات العربية الشّابة. قام المدرّبان المعتمدان من قِبل صوت الشّباب العربي ونادي الحوار والمناظرة عبد الرّحمن الزّوبية ومحمد أبو سنينة بطرح المادّة العلمية للورشة بشكل احترافي وممتع على 25 متدرب/ـة من نشطاء المجتمع المدني وطلبة الجّامعات من مختلف مدن الجّفرة. 

%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%af%d8%b1%d8%a8-%d9%85%d8%ad%d9%85%d8%af
صورة من اليوم الثالث يظهر فيها المدرب محمد أبو سنينة وهو يوضح بعض أساسيات المناظرة للمتدربين

شعرتُ بالحظ يقف إلى جانبي وأنا واقفة بينهم، فالمعلومات الّتي أغدق بها المدرّبان علينا حفّزت نقاشات شيّقة بيننا كانت غنيّة ومثمرة، كما تخلّلت العشرين ساعة الّتي قضيناها معاً تمارين جماعيّة وفرديّة منوّعة لتعزيز فن الإلقاء لدينا والقدرة على الإقناع والتّحكم في لغة الجسد وسرعة البديهة وما إلى ذلك.  مارسنا المادّة المعطاة عمليّاً كمناظرين وميسّرين لمجموعة من المناظرات التدريبيّة التي تنوّعت مقولاتها، أُقيمت بثلاثة مباني (نماذج) عالميّة قياسية للمناظرة هي: مبنى البرلمان البريطاني ومبنى كارل بوبر ومبنى ميس الممدّد. كان المدرّبان يعقّبان على أداء الجميع مما ساعد على سرعة التّطور وترابط الحجج المطروحة وقوة فحواها في وقت قصير.

%d8%aa%d9%85%d8%b1%d9%8a%d9%86-1
خلال تمرين يساعد على تطوير سرعة البديهة أشرف عليه المدرب عبد الرحمن الزوبية

في اليوم الأول وخلال نقاشنا لأهداف المتقدّمين المرجوّة من هذا التّدريب، بحتُ للجميع -بصراحة مع بعض الخجل- أنني لا أجيد إطــالة أحاديثي مع من يخالفني الرّأي، ليس انفعالاً وتعصّباً لرأيي، لكنني ببساطة أفقد اهتمامي بأفكار الرّأي الآخر بسرعة.  لكن من خلال تجربتي مع برنامج صوت الشّباب العربي، كان عليّ في بعض المناظرات أن أؤيد ما أعارض من أفكار وأن أعارض ما أؤيد، واستطعت في كلتا الحالتين استنباط إيجابيات المواقف الّتي لا تمثّلني، وأخذ سلبيات آرائي الشّخصية في عين الاعتبار بحياديّة أكبر.  المناظرة تجعلنا ندرك كلٌ من مأساويّة التّطرف في قناعاتنا وأهميّة تقدير الرّأي الآخر وتقبّله، ولهذا فإننا كليبيين في أمسّ الحاجة اليوم لنشر ثقافة المناظرة واتّخاذها كأسلوب حياة من أجل تحقيق حلمنا بدولة تحضننا بمختلف توجهاتنا.

%d9%85%d9%86%d8%a7%d8%b8%d8%b1%d8%a9-%d8%aa%d8%af%d8%b1%d9%8a%d8%a8%d9%8a%d8%a9-2
صورة لأول مناظرة تدريبية أقيمت بالورشة في ثاني أيامها

شهد حفل الختام الّذي أقيم عشيّة آخر أيّام التّدريب مناظرة علنيّة ساخنة بين 6 من المتدرّبين، طُرحت فيها مقولة “هذا المجلس سيفصل كلّيات بلديّة الجّفرة عن جامعة سرت”، كانت مناظرة حماسيّة جدّاً قُدّمت فيها حجج قويّة أحدثت تغييراً في الرّأي العام للحضور الذي تجاوز عدده المئة.

لا أحد يفضّل قراءة أو سماع الكلمات والأوصاف المبتذلة، لكننا ندرك جميعاً أنّها صارت مبتذلة لسبب ما، حيث يصعب علينا إيجاد ما هو أصدق منها في وصف مشاعرنا العظيمة، لهذا سأكتب بصدق وبكلّ بساطة أنّه يصعب عليَّ تصديق أنّ “20 ساعة فقط” قادرة على صناعة كل هذا التّغيير الهائل الذي شهدته في نفسي وفي الجّميع، وأنّه رغم قصرها إلّا أنّها حضنت الكثير من الذّكريات الجميلة -التي لن أنساها لوقت سيطول كثيراً- جمعتنا مدرّبين ومنسّقين ومتدرّبين، ورغم مرور وقت لا بأس به منذ ورشة العمل إلّا أنّي لا أزال مغمورة بالحب والامتنان اللذان كلّلا آخر أيّام الورشة حين لم يرغب أيٌّ منّا بمغادرة المكان الذي جمعنا كأسرة صغيرة محبّبة.

%d8%b5%d9%88%d8%b1%d8%a9-%d8%ac%d9%85%d8%a7%d8%b9%d9%8a%d8%a9-%d8%ad%d9%81%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d8%aa%d8%a7%d9%85

أخيراً، تقديراً منّا للرسالة العظيمة التي أوصلها لنا المدرّبان ولإيماننا بقوّة الكلمة الّتي نراها الوسيلة الحقيقيّة لصنع التّغيير، فإنّ لقاءاتنا هنا بالجّفرة لم تنقطع منذ بداية الورشة، سعياً لتأسيس نادي بالمنطقة يعزّز من لغة المناظرة والحوار لتشهد بلادنا أخيراً نهاية للتعصّب وللغة السّلاح وليُحدث صوتنا المسموع تغييراً حضارياً سلميّاً يليق بليبيا.

30.نوفمبر.2016

نوستالجيا

لا أجيد ممارسة الأفعال التي تنم عن الإنتماء، ولا الإنتماء يجيد اللعب بردود أفعالي، لكنني كلما زرت هذا البيت العتيق شعرت بالحاجة لملامسة شروخ جدرانه، وللإحساس ببسمة جدتي وغرّة جدتي وحضن جدتي -التي لم أقابلها يوماً- في زوايا المكان.

كلما زرت مدينة هون القديمة شعرت بأنني النخلة المعطاء التي لطالما إقتات عليها سكان المدينة والتي سقوها ماءاً وحباً وغَزَلاً، أو أغنية حزينة صدحت بها حناجر الأمهات وسكنت نسيم الليل، أو تربة زنقة بيت جدّي التي رقص الأطفال عليها حفايا منتشين كل عشيّة، متجاهلين واجباتهم المدرسية التي يكتبونها ليلاً على ضوء الفنار متنشقين دخانه غير نادمين.

image
صورة إلتقطتها من فوق سطح بيت جدي في فبراير الماضي، في يوم عادي لا يشابه زياراتي المُصَاحبة بصخب المهرجان عادةً

image
شارع النخلة، المعروف بشارع النّوار

رمضان، جداً – بالليبي

مزال 7 ساعات على آذان المغرب، من عادتك إنك تنوض قبل ساعة فقط من موعد الإفطار، لكن الشمس أول ما طلعت اليوم قررت إلقاء ثقل أشعتها عليك بعدما لقاتك قبالتها مفرّش تحت الروشن بعد صلاة الفجر بحثاً عن نسمة ماتعرف طريقها لمدينتك صيفاً بس لعلها تزور أحلامك أثناء النوم.

تلود الحوش ووسادتك في يدك، تستقر في دار القعاد لأنك تظن إنها أبرد مربوعة في الحوش، لكن بعد ربع ساعة تستاقظ حموان على أنفاس بقية أفراد الأسرة، الكل لجأ لبرودة دار القعاد المزعومة.

تطلع للصالة وبعد محاولات فاشلة في النوم على الكنبة والتحديق الممل في عقارب الساعة تشد كتاب أمس بديت فيه تدور أحداثه في مدينة الزاوية، بطل الرواية يحب البحر ويعوم في البحر ويلجأ بإستمرار ليه، إنت مستمتع بالكتاب لكن التناقض بين الحالة يلي عايشها جسدك المغمور بعرقك وخيالك المصاحب للبطل الغاطس في أعماق البحر منرفز، تحط الكتاب بدون وضع المؤشر في الصفحة يلي وصلتها كردة فعل لا طائل منها، ردة فعل وخلاص!

تشد مروحة السعف وتمروح، تفكر في عبثية هذه اللحظة حيث يتشابه خدر حالتي النوم واليقظة، وعبثية سائر حياتك حيث لا فرق حقيقي بين الفناء والوجود، وربما هوان الحالة الأولى من كلا الأمرين؟!

مروحة السعف تصفعك بوهج إنت في غنى عنّه لكنك تمروح على كل حال، تشوف للساعة، مزال 7 ساعات إلا ثلث على موعدك مع طاسة ميّة مصققققعة، وربما في سيناريو أفضل، موعدك مع تييييييت *صوت المكيف* أيضاً.

قيلولة لم أستيقظ منها بعد

لماذا كلما شاهدتَ وجهك النّضِر في المرآة تذكرت جاركم العجوز الذي تُنسيه شكواه من هذا الزمان التذمرَ إزاء صحته المتدهورة، والذي يوشم حنينُه للماضي وجهَه بالتجاعيد؟

هي الحرب فقط التي لا تستحي من توشيح الصغير بملامح الشيخوخة ودس الكثير من الرماد والدموع في عينيك الفضوليتين اللتين لم تريا الكثير من العالم بعد!

تنهب منك كل ما تخلّست سابقاً من رضى في لحظات سعادة مزعومة، وتُخفض من السقف الذي يعلو سحابات خيالك وتُحيطك بأسوارٍ تضيق بك وتوبّخك كلما تيقّظت من قيلولة وحاولتَ تمديد أطرافك الشاحبة التي ما عاد الدم يتذكر سبيله إليها فيعود النعاس يدغدغك لتدوم قيلولتك بدوام هذه الحرب اللعينة.

أتسائل ماذا ستفعل الحرب بك وبي وبجاركم الذي سئم عدّ أيامه؟ وأتسائل ماذا سنفعل نحن حيالها وحيال من إنتشلوا ورود الأحياء لزرع الألغام؟ وماذا سنفعل حيال من دفعتهم فرحة مادامت للعودة لبيوتهم لتسكن أخيراً أشلائهم أركاناً مختلفة من البلاد؟